Friday, October 30, 2009

رؤية عن الوضع اللغوي في عمان 3/3


بعيدا عن الاحاديث الدائرة على مستوى عالمي عن الحقوق اللغوية للاقليات العرقية في بعض المناطق في العالم، التهديد الخطير الذي يتهدد الكثير من اللهجات واللغات التي تشير التقارير إلى انها ستنقرض في المستقبل، او الطروحات التي تتحدث عن التهديد الذي اضحت تشكله الانجليزية للكثير من لغات العالم في العصر الحديث والدور ما بعد الاستعماري للانجليزية او الفرنسية او الاسبانية. لا اقول ان الوضع اللغوي في عمان مماثل لما هو حاصل في بقية المناطق في العالم ولكن من المهم اخذ ذلك في الحسبان. على الصعيد العربي هناك صراع لهجات على المستوى الاعلامي ليس بخاف على احد، لا اعتقد ان الوضع اللغوي في عمان في منأى عن تأثيراته وتجاذباته، على مستوى دول الخليج الامر ذاته، وعلى مستوى مناطقي نحن اكثر تأثرا بما يحصل حولنا وهذا واضح على الاقل لاول وهلة. في عمان نجد ان الخسارة على المستوى التعليمي للطالب هو الضعف التحصيلي على مستوى اللغة العربية. هناك الكثير من الانتقادات الموجهة للقنوات لبعض القنوات الاذاعية العمانية، الانتقادات على مستوى اللهجة موجهة لبعض المسلسلات الدرامية العمانية. الانتقادات تنسحب على المستوى اللغوي لما يكتب في الصحافة الرسمية وغيرها. كل هذه التجاذبات والتأثيرات والقضايا على مستوى عالمي وعربي واقليمي ومحلي لا يجب الاستهانة بها فهي حقائق لغوية في غاية الاهمية وإهمالها يشكل خطورة كبيرة على المدى البعيد لمستقبل التواصل في أي بقعة من الارض واي بقعة لا يمكن ان تعيش في معزل عن كل هذه التجاذبات اللغوية. فكلما مر وقت دون التحرك في دراسة اللهجات العمانية وتوثيقها وفهما كلما دخلنا في نفق من المتاهات لا ندري إلى أين سيأخذنا وتأخذنا متاهاته. فوتيرة التواصل والتأثير والتأثر تصبح اكثر حدة ونحن في النهاية سنخسر الكثير من لهجاتنا وتراثنا الشفهي والثراء اللغوي والذي يشكل ركنا مهمنا في اللحمة الوطنية للمجتمع العماني، دراسة اللهجات واللغات في عمان ليس حنينا للماضي او التغني الشكلي الاستعراضي للهوية العمانية إنما مفتاحا مهما وفاعلا لفهم الكثير من التفاعلات والرؤى والافاق التي تحملها تلك اللغات واللهجات عبر متحدثيها. دراسة اللهجات توفر الكثير من وسائل الفهم للمخطط الاستراتيجي او المخطط للتنمية البشرية فملف اللغة وقضيتها لا يجب ان يغيب عن بال المخططين سواء في المجال التربوي او الاعلامي او الثقافي ، فما دامت البنى العمرانية قد استقرت فلا بد من فهم للبنى الذهنية واللغوية للانسان العماني في العصر الحديث. دراسة البنى اللغوية لمتحدثي اللهجات واللغات في عمان يتيح المجال بشكل أوسع لتحول فكري في المستقبل. فخريج درجة الدبلوم العام ان تخرج بدون اتقان للعربية او ان يتقن الانجليزية دون العربية، او ان يتقن اللهجة بدون ملكة لغوية في العربية او الانجليزية ليشكل حجر عثرة لخطط الموازنة التي اتبعتها الحكومة بين الاصالة والمعاصرة. مع العلم ان مفهوم الاصالة والمعاصرة بحاجة لفهم دقيق من المنظور اللغوي والفكري على ارض الواقع وليس على مستوى الخطاب السياسي والاعلامي. الاجيال الجديدة التي هي الان في المدارس ما هو المستقبل اللغوي الذي ستقابله او ستصنعه ، الاجيال الجديدة التي الان تعيش في فوضى لغوية غاية في الخطورة ليس من السهل استكناه ما ستؤول إليه الامور ، هذه الفوضى التي لا أنها ستضر بالتواصل اللغوي والاجتماعي بين العديد من الاطراف في المجتمع العماني.


*********************

بعد الختام:

يأتي الطبيب الغير عماني إلى عمان فيتفاجا بمصطلحات غربية عجيبة للامراض مثل اللية او ساعور، كم استغرب عندما اسمع هذه الكلمات تنطق من افواه هؤلاء الأطباء الذين عاشوا فترة طويلة في عمان، مكنتهم التجارب والممارسات من فهما أخيرا، كان من الممكن تزويد الاطباء الجدد القادمين إلى عمان بمثل هذه المصطلحات لفهمها وفهم نطقها بدلا من الحيرة التي تصيبهم في اول امرها عندما يحتكون بالواقع الجديد.


No comments:

Post a Comment