Friday, October 30, 2009

من الضحية القادمة بعد حمود الشكيلي؟




هكذا هو حال الأدب في عمان إما ان يكون تحت الرقابة السياسية والمتمثلة في الدولة او الرقابة الدينية او الرقابة المجتمعية
لم يكد المتتبع للأدب العماني ان يفرح بما تحقق من إنجازات أدبية على صعيد القصة والرواية حتى تدهمنا أحداث المحاكمات التي يقع تحت طائلتها عدد من الادباء العمانيين الذين ساهموا ومازالوا يساهمون بكل جهودهم لخدمة الادب وتطويره والانتقال به من طور إلى آخر عبر مجهودات شخصية نابعة من صميم رغبتهم في خلق أفق اجمل للادب العماني
لقد شكلت الرقابتين السياسية والدينية في السابق قلقا كبيرا لعدد من الادباء العمانيين لدرجة ان البعض منهم ناله ما نال من التكفير والتشهير وعلى رؤوس الاشهاد في المساجد وغيرها، ولكن الاغرب هذه المرة هو دخول الرقابة المجتمعية في الامر وليس أدل على ذلك تلك المحاكمات التي لحقت بالقاصين يحيى سلام المنذري وسعيد الحاتمي وبدرية الوهيبي والان دور الصديق حمود الشكيلي، ولو سلمنا جدلا ان ذلك مؤشر جيد على وعي المجتمع بأن هناك طرقا للتحاكم والتقاضي عبر النظام القضائي الجديد في السلطنة ، ألا ان الامر لا يدعنا نميل إلى أصحاب تلك القضايا او بعضها على الاقل هم من صادف وقرأ ما يحسبونه انه إهانة او تشهير، اقول لو سلمنا جدلا ولكن الامر من ناحية أخرى يجعلنا ننتبه إلى ان بعض القراء ليس الهدف من قراءتهم التمتع بالادب بل هو العكس التصيد والتربص ، هناك من يستهويهم الصيد في الماء العكر وبما تكون أهدافهم غير معلنة بالضرورة
في الوقت الذي استطاعت فيه القصة العمانية القصيرة ان تقدم نفسها كفن إبداعي أصيل ، وبعد ان خرجت القصة من نفق التهويمات اللغوية وغيرها من الاتهامات التي كانت تنصب على الكتاب الذين يكتبون ما لا يفهم، عند انتقال الكتاب للكتابة وتطويرها يتفاجاون ان هناك من يتربص بهم بجانب الرقابتين الدينية والسياسية هناك الرقابة المجتمعية التي لا ترحم، مثل هذه الحساسيات من قبل المجتمع لا يمكن التبؤ بمدة زوالها ومتى المجتمع سيصل إلى مرحلة اكثر تسامحا وانفتاحا في التعاطي مع الادب
لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف ان يحاصر الاديب بكا هذه الرقابات ويطلب من ان يعطي إبداعا جيدا، ثم ان التعاطي مع الابداع المكتوب لا ينبغي ان يفهم منه مقاصد بعيدة كالتشهير وغيرها، فالادب يتحدث او يشير غلى الواقع ولكنه لايعني ان يقرأ هو الواقع بعينه، وإلا كان الحال ان يتم مسائلة جميع الكتاب العمانيين وسيتم إحالة وتفسير كل ما كتب وفق أهداف واهواء من يصطادون في الماء العكر
هل سيكتب الاديب العمانين ارقاما بدلا من اسماء ابطاله؟ لا بد ان يكتب اسماء عمانية او على الاقل متداولة ويتحدث على ملامح اشخاص واماكن عمانية ، ليس بالضرورة والالزام ان يتم ذلك ولكن الاديب يعبر عن في كتاباته عن المكان الذي يعيش فيه وإلا تم اتهام الادباء بانهم يكتبون عن عوالم غامضة، وذلك ليس في صالح الكتابة والابداع على الاطلاق
كما انه لا يعني ذلك ان من رفعوا القضية ضد حمود الشكيلي هم على خطأ فالقانون يعطيهم الحق في التقاضي، ما يهمني أكثر هو ان يتم تطوير وتعديل القوانين التي تتعلق بمثل هذه القضايا ، وان تراعي تلك القوانين والمحاكمات ان التعامل مع الادب ليس سهلا كما يتم التعامل مع بقية القضايا.
الاديب لا يمكن ان يبدع في ظل ظروف الرقابات التي تسلط عليه وتحاصره ثم ان الاديب لا يمكنه تجاهل البعد الاجتماعي لما يكتبه، فمن الظلم ان نطالب الاديب ان يراعي كل صغيرة وكبيرة في كتاباته ففي هذه الحالة الاديب لن يكتب إبداعا بل شيئا ىخر غيره، ثم انه من المهم ان نعطي الاديب المجال لتقدير ما يراه مناسبا للحساسيات الاجتماعية وهذا التقدير لا يمكن ان يفرض على الاديب بل شأن خاص بالاديب وعالمه الابداعي
عزيزي حمود نحن معك في قضيتك هذه ونتمنى ان تاخذ العدالة مجراه وان تنجلي الغيمة ويأخذ كل ذي حق حقه، مازال هناك الكثير لتكتبه وتكتب عنه ونحن نثق في القضاء وفي كفاءة المحامي الذي تولى الدفاع عنك، وعسى ان نراك قريبا مبدعا نشطا ونقدا واعدا تخدم الابداع والادب العمانيين بكل إخلاص وصدق كما عهدناك دائما


رؤية عن الوضع اللغوي في عمان 3/3


بعيدا عن الاحاديث الدائرة على مستوى عالمي عن الحقوق اللغوية للاقليات العرقية في بعض المناطق في العالم، التهديد الخطير الذي يتهدد الكثير من اللهجات واللغات التي تشير التقارير إلى انها ستنقرض في المستقبل، او الطروحات التي تتحدث عن التهديد الذي اضحت تشكله الانجليزية للكثير من لغات العالم في العصر الحديث والدور ما بعد الاستعماري للانجليزية او الفرنسية او الاسبانية. لا اقول ان الوضع اللغوي في عمان مماثل لما هو حاصل في بقية المناطق في العالم ولكن من المهم اخذ ذلك في الحسبان. على الصعيد العربي هناك صراع لهجات على المستوى الاعلامي ليس بخاف على احد، لا اعتقد ان الوضع اللغوي في عمان في منأى عن تأثيراته وتجاذباته، على مستوى دول الخليج الامر ذاته، وعلى مستوى مناطقي نحن اكثر تأثرا بما يحصل حولنا وهذا واضح على الاقل لاول وهلة. في عمان نجد ان الخسارة على المستوى التعليمي للطالب هو الضعف التحصيلي على مستوى اللغة العربية. هناك الكثير من الانتقادات الموجهة للقنوات لبعض القنوات الاذاعية العمانية، الانتقادات على مستوى اللهجة موجهة لبعض المسلسلات الدرامية العمانية. الانتقادات تنسحب على المستوى اللغوي لما يكتب في الصحافة الرسمية وغيرها. كل هذه التجاذبات والتأثيرات والقضايا على مستوى عالمي وعربي واقليمي ومحلي لا يجب الاستهانة بها فهي حقائق لغوية في غاية الاهمية وإهمالها يشكل خطورة كبيرة على المدى البعيد لمستقبل التواصل في أي بقعة من الارض واي بقعة لا يمكن ان تعيش في معزل عن كل هذه التجاذبات اللغوية. فكلما مر وقت دون التحرك في دراسة اللهجات العمانية وتوثيقها وفهما كلما دخلنا في نفق من المتاهات لا ندري إلى أين سيأخذنا وتأخذنا متاهاته. فوتيرة التواصل والتأثير والتأثر تصبح اكثر حدة ونحن في النهاية سنخسر الكثير من لهجاتنا وتراثنا الشفهي والثراء اللغوي والذي يشكل ركنا مهمنا في اللحمة الوطنية للمجتمع العماني، دراسة اللهجات واللغات في عمان ليس حنينا للماضي او التغني الشكلي الاستعراضي للهوية العمانية إنما مفتاحا مهما وفاعلا لفهم الكثير من التفاعلات والرؤى والافاق التي تحملها تلك اللغات واللهجات عبر متحدثيها. دراسة اللهجات توفر الكثير من وسائل الفهم للمخطط الاستراتيجي او المخطط للتنمية البشرية فملف اللغة وقضيتها لا يجب ان يغيب عن بال المخططين سواء في المجال التربوي او الاعلامي او الثقافي ، فما دامت البنى العمرانية قد استقرت فلا بد من فهم للبنى الذهنية واللغوية للانسان العماني في العصر الحديث. دراسة البنى اللغوية لمتحدثي اللهجات واللغات في عمان يتيح المجال بشكل أوسع لتحول فكري في المستقبل. فخريج درجة الدبلوم العام ان تخرج بدون اتقان للعربية او ان يتقن الانجليزية دون العربية، او ان يتقن اللهجة بدون ملكة لغوية في العربية او الانجليزية ليشكل حجر عثرة لخطط الموازنة التي اتبعتها الحكومة بين الاصالة والمعاصرة. مع العلم ان مفهوم الاصالة والمعاصرة بحاجة لفهم دقيق من المنظور اللغوي والفكري على ارض الواقع وليس على مستوى الخطاب السياسي والاعلامي. الاجيال الجديدة التي هي الان في المدارس ما هو المستقبل اللغوي الذي ستقابله او ستصنعه ، الاجيال الجديدة التي الان تعيش في فوضى لغوية غاية في الخطورة ليس من السهل استكناه ما ستؤول إليه الامور ، هذه الفوضى التي لا أنها ستضر بالتواصل اللغوي والاجتماعي بين العديد من الاطراف في المجتمع العماني.


*********************

بعد الختام:

يأتي الطبيب الغير عماني إلى عمان فيتفاجا بمصطلحات غربية عجيبة للامراض مثل اللية او ساعور، كم استغرب عندما اسمع هذه الكلمات تنطق من افواه هؤلاء الأطباء الذين عاشوا فترة طويلة في عمان، مكنتهم التجارب والممارسات من فهما أخيرا، كان من الممكن تزويد الاطباء الجدد القادمين إلى عمان بمثل هذه المصطلحات لفهمها وفهم نطقها بدلا من الحيرة التي تصيبهم في اول امرها عندما يحتكون بالواقع الجديد.


Tuesday, October 20, 2009

هل الطائر يغني؟ وما تراه يقول؟

كل طيريسبح بلغوه
هذه العبارة كثيرا ما طرقت أذني،هذه المقولة تطلق على الطفل عندما يبدا مراحله الاولى في التصويت، والتصويت هنا المقصود به هو إنتاج الاصوات الغير مفهومه والتي تكون غير ذات دلاله لاذان البشر البالغين، ولكن بالنسبة للطفل هي البدء في التعبير عن نفسه وتجريب ردات فعله تجاه ما يسمعه من اصوات في العائله.
هذا الغراب فعلا عجيب بصوته وقتامة لونه بعد وصولي إلى استراليا في19 يوليو 2007 وبعد ان نمت اول ليلة لي استيقظت مبكرا وانا انتفض من البرد، برغم ان المدفأة كانت تعمل جاهدة لتدفئة الغرفة إلا ان اصابع البرد كانت تسسلل بخفة وبراعة لتنهش في جسدي القادم من وهج الظهائر في عمان، تفاجات بالاصوات الغريبة في الخارج، فقلت وانا مازلت في السرير ربما اكون قد نزلت في مكان قريب من مرعى للماشية فهذه الاصوات تشبه ثغاء الشياه او مما هو قريب، بكسل وانا مشتمل بالبطانية قمت من سريري، أزحت الستارة قليلا ولكن الضباب في الخارج يحجب رؤية هذا الكائن صاحب الصوت الغريب بتثاقل نفضت عني كسل النوم وقمت متجها لبدء طقوس يوم جديد في الارض الجديدة، انهيت كل الطقوس التي ينبغي انهائها لبدء اليوم وبرغم ان ذلك اليوم كان يوم السبت بعد ان انهيت الفطور فتحت باب البيت لارى هذا الكائن الغريب ، كانت الباحة القريبة من البيت قد تركت فارغة يغيطها العشب وتحرسها ظلال اشجار اليكولابتوس او الذي نسميه في عمان الكافور،الباحة وغيرها من الباحات التي تترك فارغة بدون انشاءات سكنية بها تكون متنفسا لسكان كل شارع بحيث تتمكن العوائل من ملاعبت اطفالهم والتريض فيها متى ما ناسبهم الوقت وغالبا ما تزود هذه الباحات بأدوات لعب للاطفال كالاراجيح ومنصات التزحلق وغيرها، كانت الباحة مليئة باشكال مختلفة من الطيور من غربان وببغاوات مختلفة الالوان والهداهد، وبرغم البرودة دفعني الفضول للمشي اكثر حول الباحة فتبينت ان الصوت يصدر من هذا الغراب، فتذكرت ان ليس لي حاجة بالغراب الان في هذا الصباح الباكر ، فليس ثمة من سوءة لاواريها إنما احتاج إلى هديل حمامة في الظهيرة لابثها وجدا بوجد، وكان جرح الغربة مازال طريا واذناي مليئتان بضجيج المطارات ، اكمل دورة المشي القصيرة في الشارع الذي اسكن ولكن مازال في رأسي رنين صوت هذا الطائر الذي لم اكن ادري هل كان يغني ام انه كان ينشد مرثية طويلة . يطلق على هذا الطائر اسم (raven) وهو طائر كبير من عائلة الغربان له ريش اسود لامع وصوت خشن منفر اقرب للبكاء. والتعريف مأخوذ من:
Oxford Advanced Learner's Dictionary. 7th edition .2005.Oxford University Press.

Sunday, October 18, 2009

مقال يستحق أن نتأمله

 تغييب العلوم الإنسانية وغياب القيم والأخلاق



د. نافلة بنت سعود الخروصية






«البعض منا استسلم تماما للموجة الطاغية من الغثائية وعدم الاكتراث بمستوى الجودة والاتقان في كل شيء، أو خنع أمام ثقافة الإفلاس الفكري، كل هذا تحت دواعي الوصولية.. نحن بحاجة إلى أن ننفض عن أنفسنا الغبار الذي علق بنا جراء حالة الركود التي باتت تهدد قيمنا بالتفسخ والضعف، القيم التي سرعان ما نتباكى عليها في طموحاتنا الطفولية وآمالنا العبثية في الوصول إلى مواقع التأثير. إننا بحاجة إلى أن ندرك ونعترف بأخطائنا لكي نعمل على إصلاحها».


إن الأزمة الاقتصادية الراهنة هي أزمة أخلاق وقيم بامتياز، إذ لم يكن السبب الذي حال دون قدرة تنبؤ الخبراء الاقتصاديين بالأزمة الاقتصادية الراهنة هو عدم دقة القوانين الرياضية والنماذج الحسابية التي يعتمدون عليها، ولكن السبب في الحقيقة هو أن هؤلاء الخبراء قد تجاهلوا الطبيعة الإنسانية. وكما يقول البروفيسور جيفري جالت هارفام مدير المركز الوطني للعلوم الإنسانية في الولايات المتحدة الأمريكية «إن هؤلاء الخبراء قد أغفلوا الخصائص الإنسانية المحضة في سلوك الدائنين والمدينين والمحللين والمساهمين والتجار الذين تتحكم فيهم افتراضاتهم اللاشعورية في الغالب واللاعقلانية في بعض الأحيان، بما في ذلك نزعة التطلع إلى القبول الاجتماعي، حتى وهم غارقون في نشوة الثقة بقدراتهم التحليلية وبعقلانية وكفاءة السوق». لقد كانوا باختصار يفتقرون إلى المعرفة التنويرية التي تمنحها العلوم الإنسانية، تلك المعرفة التي تضمن لنا «استخلاص طرق التفكير البنّاءة وتطبيقها بشكل فاعل بما يمكننا من الإبحار في أعماق عوالمنا التي نعيش فيها». إن العلوم الإنسانية هي المصدر الأخلاقي الذي يكفل لنا القدرة على استشعار طبيعة الفساد الخفية وسبر أوكاره، ويساعدنا على الحد من تغلغله داخل نسيج المجتمع.


بالرغم من النزعة العلمية لدى أتباع علم الاقتصاد وأنصاره، إلا أنه لا يمكننا بحال من الأحوال عزل هذا العلم عن مسائل الأخلاق، فالنجاح الاقتصادي يجب أن لا يكون هو المحصِّلة النهائية للتلاعب بالأسواق على حساب العدالة الاجتماعية، وإنما ينبغي أن يتأسس على اعتبارات أخلاقية وضرورات قيمية لا تتوفر إلا في منظومة العلوم الإنسانية. وكذلك الحال في مجال الطب، فإن القضايا الخلافية التي عادة ما تواجه الأطباء، لا يمكن التعامل معها إلا من خلال منظومة العلوم الإنسانية التي تمثل بالنسبة لهؤلاء الأطباء المعين الذي ينهلون منه روح الاستعداد والمقدرة على مواجهة تحديات المعضلات الأخلاقية واتخاذ القرارات الصائبة في الأمور التي تتعلق بالحياة والموت.


يجب أن لا نستسلم للمفهوم السائد القائل إنه ليس ثمة من يريد المعرفة من أجل المعرفة وأن الجامعة يجب أن تكون تذكرة الانتقال إلى ميدان العمل المهني، كما يجب أن نتعامل بحذر شديد مع إدارة الجامعات على أنها شركات تجارية جل همها ضمان استمرارية الدخل المادي الناتج عن براءات الاختراع والأنشطة الاستشارية، على حساب مهمة تنشئة جيل من المفكرين العظماء. وبالمثل فإنه من غير المعقول أن يصبح العائد المادي الذي يقاس بالمنفعة الصناعية أو التجارية هو المحرك الرئيسي للبحث العلمي، بل ينبغي أن يكون هناك توازن بين أغراض البحث العلمي من أجل المعرفة وتوسيع آفاقنا الثقافية، وبين البحث العلمي في العلوم الطبيعية للأغراض التجارية، وأن ينظر إلى هذا التوازن في حد ذاته على أنه غاية نبيلة.


ولنكن نحن معشر الأكاديميين على حذر من أن تتلوث لغتنا بالمفردات الشائعة التي باتت تروج لها الشركات التجارية، بحيث أصبح الطالب في عرف هؤلاء مجرد مستهلك والمعرفة منتجا وسلعة، كما ينبغي علينا أن نحذر من أن نتبنى أو نتأثر بالطبيعة الجشعة لمديري التسويق ونزعتهم نحو تبرير وترويج ثقافة تضخيم قيمة المنتَج.


إن المعرفة المستقاة من العلوم الإنسانية بطبيعتها ليست مما يمكن للمستهلك أن يقيمه كما لو كان يتعامل مع سيارة أخرجها للتو من المصنع، بل إن الأمر مغاير تماما، فحسب الوصف الدقيق الذي يذكره البروفيسور ستانلي كاتز مدير مركز الدرسات الأدبية والسياسات الثقافية في كلية وودرو ولسون بجامعة برنستون الأمريكية فإن «العلوم الإنسانية تهتم بغرس القيم الفكرية وصقل القدرات الذهنية لضمان الإدراك العقلي للمعرفة والتحليل الناقد لها، أكثر من اهتمامها بحفظ وخزن كم محدود من المعلومات». إنها المعرفة التي يجلُّها الناس على مر الزمن، ويجسدها أولئك الذين كان جل همهم العمل من أجل التغيير الإيجابي في المجتمع، إنها المعرفة التي يتجلى لنا أثر غيابها حينما نرى أولئك الذين ينظرون إلى مواقعهم الوظيفية على أنها فرص سانحة لملئ خزائنهم التي لا تنفك تقول هل من مزيد، بدلا من أن ينظرون إليها على أنها فرص للوفاء بالتزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه مجتمعاتهم.


ونتيجة للثقافة التجارية المستشرية في مجتمعاتنا اليوم ونتيجة للتأكيد المفرط على مفهوم التجريبية، فإن العلوم الإنسانية حسب ما يقوله البروفيسور ليون بوتشتاين عميد كلية بارد «قد تعرضت لنوع من الإهمال حينما نُظر إليها على أنها من كماليات الحياة، بدلا من النظر إليها على أنها أساس الحياة». ومع التآكل الذي أصاب العلوم الإنسانية نتيجة هذا الإهمال رأينا أناسا لا يعرفون القراءة والكتابة وغير قادرين على بلورة أفكارهم وصياغتها والتعبير عنها. لقد أصبح الإنترنت ملاذ أصحاب العقول العاجزة وبات الانتحال ركنهم الركين. لقد أصبحنا نرى شبابا يفتقرون إلى المعرفة المشتركة، المعرفة التي بدونها يصبح مفهوم التكافل والتضامن في المجتمع من قبيل الأوهام أو من قبيل المفاهيم المتلاشية على أحسن تقدير. أما المعرفة فقد اختزلت إلى مصطلحات تجارية وأصبحت تقاس بمقدار ما تقدمه من منافع مادية، وبذا باتت الدافعية للحصول على المعرفة مرتبطة بمثل هذه المفاهيم النفعية. لم يعد ينظر إلى قراءة روائع الأدب أو التاريخ أو الفلسفة على أنها تدريب للعقل على التفكير والتحليل وحل المشكلات، وأن أسلوب التفكير الناقد المستخلص من قراءة مثل هذه الروائع هو وسيلة للتنبؤ وحل مشكلات ليس بالإمكان حلها عن طريق أكثر النماذج العلمية دقة وتعقيدا. ونتج عن هذا الإهمال أن أصبح الطلاب لا يدركون أهمية هذه العلوم ودورها في حاضرنا ومستقبلنا، واللوم كل اللوم يقع علينا نحن المربين.


بالرغم أننا قد نتهامس في أروقتنا الهادئة داخل مؤسساتنا الأكاديمية، أو نُنكِّس رؤوسنا بصمت تعبيرا عن عدم الرضا، أو نتكلف الابتسامة الساخرة حول آخر استراتيجية تجارية تم غرسها في خاصرتنا، إلا أن الكثير منا تنقصهم الجرأة في الإفصاح عن الحالة التي وصل إليها النظام التعليمي في كثير من مجتمعاتنا. البعض منا استسلم تماما للموجة الطاغية من الغثائية وعدم الاكتراث بمستوى الجودة والاتقان في كل شيء، أو خنع أمام ثقافة الإفلاس الفكري، كل هذا تحت دواعي الوصولية. نحن بحاجة إلى أن ننفض عن أنفسنا الغبار الذي علق بنا جراء حالة الركود التي باتت تهدد قيمنا بالتفسخ والضعف، القيم التي سرعان ما نتباكى عليها في طموحاتنا الطفولية وآمالنا العبثية في الوصول إلى مواقع التأثير. إننا بحاجة إلى أن ندرك ونعترف بأخطائنا لكي نعمل على إصلاحها، لأن «جهلا نقرُّ ونعترف به خير من معرفة نتوهمها» كما يقول الخبير التربوي بوتشتاين.


إنني أدعو زملائي في الجامعات والمراكز الوطنية للعلوم الإنسانية إلى أن نتولى زمام المبادرة وأن نبدأ رحلة التغيير في مجتمعاتنا. إن الطريقة التي ندرِّس بها العلوم الإنسانية أهم بكثير من المحتوى الذي نُدرِّسه. يجب علينا أن نتحدى طلابنا لكي يجيبوا على أسئلة كيف؟ ولماذا؟ أكثر من التركيز على أسئلة كم؟ ومتى؟ ينبغي علينا أن نغرس فيهم قيم التفكير والتساؤل. نحن بحاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن نقف سدا منيعا أمام الموجة العاتية من حالة الاستخفاف التي بدأت تعصف بشبابنا وإعادتهم إلى شواطئ المثالية والهمة العالية. يتوجب علينا أن نعيد تعريف النجاح لهم، وأن نؤكد على أنه ليس مرادفا للمحسوبية. إن المقررات التي تدرَّس في العلوم الإنسانية ينبغي أن لا تكون مجرد حفظ واجترار للأرقام والمعلومات، وإنما علينا أن نلهم طلابنا ونتحداهم في الوقت نفسه، كما ينبغي علينا أن نعمل على إخراجهم من حالة السبات الذي يعيشون فيه لكي يفكروا بأسلوب عقلاني وناقد بقضايا من مثل كيف أن الماضي قد شكل حاضرنا وكيف يمكن لحاضرنا أن يشكل مستقبلنا.


يجب أن لا يقتصر تدريس الأدب على قراءة القصائد الشعرية أو النصوص البلاغية والنثرية، بل ينبغي أن يكون وسيلة لتدريس التفكير الناقد والبنَّاء، وأداة لتعلم كيف نشارك الآخرين مشاعرهم، ووسيلة تساعدنا على تحدي مدركاتنا وتمكننا من التحرر من افتراضاتنا المستقرة في أذهاننا. يتحتم علينا أن نزود الطلاب بالمهارات اللازمة التي تمكنهم من الانخراط الإيجابي والفاعل في المجتمع المدني بما يكفل لهم القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم المتمثلة في إسهامهم في الرقي بأنفسهم ومجتمعهم، فليس كافيا أن نعرف ما هي القوانين، وإنما أن نستشعر كيف تؤثر هذه القوانين في المجتمع، والآثار المترتبة على غياب مثل هذه القوانين.


إن إتقان اللغة والتمكن منها لا يعني فقط أن يكون الواحد منا خبيرا بمفرداتها وقواعدها النحوية والصرفية، أو أن يكون قادرا على نطق كلماتها منفردة بشكل سليم، وإنما يكون إتقان اللغة في استخدام تلك اللغة في مواقف حياتية حقيقية بغرض إحداث تغيير إيجابي في المجتمع. إن التمكن من اللغة هو امتلاك مهارة استخدامها كأداة توصيل للمعرفة المشتركة التي تجود بها علينا العلوم الإنسانية. والقواعد النحوية من دون الثراء الذي تمنحه لنا الفنون والعلوم الإنسانية إنما هي وعاء فارغ، وقوالب جامدة لا حياة فيها ولا روح لأنها تفتقر إلى المحتوى الإنساني.


يتوجب علينا أن نعلم طلابنا من خلال العلوم الإنسانية الآثار الاجتماعية والأخلاقية للعلوم الطبيعية وحدود إمكاناتها. ينبغي أن ندرب الطلاب على إدراك أنه لا يمكن اختزال كل مشاكل المجتمع في معادلات رياضية أو مسائل حسابية ونماذج علمية صارمة، وأن نغرس فيهم مفاهيم عن أبعاد الطبيعة الإنسانية التي تستعصي على التنبؤ، وعن آمالها وطموحاتها، وعن نظمها وقيمها، وكل هذه الأمور هي مما لا يمكن الحصول عليه إلا من العلوم الإنسانية.

جريدة عمان : صفحة قصايا وآراء





رؤية عن الوضع اللغوي في عمان 2/3


 الطفل العماني قبل سن المدرسة يتشرب اللهجة التي تتحدث بها الاسرة في المنزل، يتواصل مع اقرانه في الشارع، وإن حدث وكان نصيب ذلك الطفل ان يكون والده ممن تقتضي وظيفته ان ينتقل من مكان لاخر ان يتحدث بلهجة البيت والتي تختلف عن اللهجة التي يتحدث بها مع أقرانه في الشارع فهنا هذا الطفل يكون نصيبه ان يكون ثنائي اللهجة. قبل سن المدرسة يكون الطفل العماني قد تشرب الانظمة النحوية والصرفية والصوتية للهجة. اي لهجة لها نظام صوتي وصرفي ونحوي وإن لم تكن تلك اللهجة مكتوبة، وهنا النقطة المهمة والتي تتضمن في حقيقتها الصعوبات التي سيواجهها الطفل عندما يبدا في تعلم اللغة العربية. في المدرسة وفي الصفوف الاولى للدراسة يكتسب الطفل لغة جديدة فعقله يعامل العربية على أنها نظام لغوي جديد. فالبعض يتأقلم مع اللغة الجديدة ويتعلمها بكل سهولة ولكن البعض يضل يعاني من صعوبات جمة. فكثير ما تسمع من يقول لك انا احب تعلم اللغة العربية ولكني لا أفهم النحو. فالطفل طيلة سبع سنوات قبل المدرسة يستخدم اللهجة بكل أريحية وسهولة. قد يحصل ويتعلم الطفل قبل المدرسة شيئا من القران الكريم، ولكن تبقى المشكلة قائمة فالجهاز اللغوي للطفل يتعامل مع اللغة الفصيحة على أنها نظام جديد يزاحم النظام الأصلي الذي كونته اللهجة. فالحديث هنا عن تصادم بين نظامين لغويين مختلفين كليا. الادهى عندما يبدء الطفل بتعلم الكتابة باللغة العربية وهنا ينتقل من المستوى الصوتي إلى المستوى الكتابي. المستوى الكتابي للغة يتعامل معه عقل الطفل وكأنه نظام جديد أيضا. نصيب تدريس العربية محدود داخل المدرسة ونصيب ممارستها خارج المدرسة أكثر محدودية. زيادة على ذلك، يتعلم الطالب ان اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي يجب ان نتحدث بها وهي المستوى الراقي من اللغة وان اللهجة هي المستوى الادنى ، هذا الازدواج اللغوي يخلخل النظام اللغوي في دماغ الطفل ويجعله في حيرة من امره ، فهو هنا يقيس ما يتعلمه من دروس في العربية بما هو مخزن في ذاكرته من اللهجة التي تربى عليها، يقرأ القران فلا يفهم من معانيه سوى القليل يشاهد التلفاز فيجد لغة او مستوى لغويا مختلفا، وإن حدث وشاهد رسوما بلهجة عربية قريبة او بعيدة سيزيد ذلك من التشوش اللغوي في ذهنه. كل هذه الفوضى اللغوية التي تحاصر ذهن الطفل لا نستطيع الجزم أنه سيحرج منها وهو قادر على هضم كل هذا الكم اللغوي الذي يحيط به. ردات الفعل تجاه الوضع اللغوي غير مضمونة العواقب. هنا لا ألقي اللوم على أحد ، الجميع امام مشكلة حقيقة الطالب يدرس العربية او الانجليزية لمدة 12 سنة ويتخرج وحصيلته اللغوية دون المستوى المتوخى منه. هناك عوامل مختلفه ومتعددة تدخل في صميم تلك الصعوبات ولكن يعني ذلك اننا في الحقيقة لا نعيش مفارقات لغوية صامدة ومؤثرة جدا دون ان نعيها، نحن ننتقل من مستوى لغوي إلى آخر ولكن هذا الانتقال له تأثيرات وتفاعلات غاية في الاهمية.


******************************

دراسة اللهجات ليست ترفا معرفيا كما ان علم اللغة ليس مجاله المقارنات والتبريرات فقط بل ان علم اللغة بشكل عام علم يوفر الكثير من الاليات للفهم والادراك ولقد وصل لدرجة من التطور ما يماثل بقية العلوم التطبيقية الاخرى. ينبغي النظر اللغوي في عمان ليس على ان اللهجة ما هي إلا انحراف عن اللغة الاصلية او اقل مستوى من الفصحى. هناك بالطبع مقولة لبرنارد شو عن الفرق بين اللغة واللهجة حيث يقول: اللغة عبارة عن لهجة ولكنها تمتلك جيشا وقوة بحرية. وفي الدرس اللغوي الحديث مازال باب الاختلاف مفتوحا حول تعريف اللهجة والفرق بينها وبين اللغة. المهم في الامر ان تدرس اللهجات على أنها واقع لغوي يملك من القوة والتأثير الشيء الكثير. فالتوقف عند اعتبار اي لهجة عمانية على انها انحراف عن اللغة العربية يؤدي بنا إلى ظلم اللهجات التي تحمل كل رؤانا واحلامنا وهويتنا. فهوية الانسان العماني لا تكمن في الملبس والمشرب والعمران بل فيما نتلفظ به ونقوله. الثراء اللغوي واللهجوي في عمان ينبغي الاهتام به على ارقى المستويات، فلان كانت اللغة العربية في عمان حسب النظام الاساسي هي اللغة الرسمية إلا ان اللهجات تمارس على مستوى الارض والواقع دورا مهما وحيويا على صعيد التواصل اليومي بين مختلف المجموعات اللغوية في عمان. الكثير الكثير من الدراسات الميدانية التي اجريت في سبيل توثيق التراث الشعبي في عمان تظل في حاجة إلى وجود مركز مختص بدراسة اللهجات العمانية وتوثيقها ودراستها. كما ان اللهجات العمانية تمر بالعديد من التغيرات والتبدلات لانستيطع رصدها ودراسة ابعادها دون وجود مركز يرصد كل هذه التغيرات. ثم ان هناك امر اخر وهو وجود الفضائيات والمحطات الاذاعية التي تنتهج دورا فاعلا في التأثير اللغوي على كل المتحدثين، فعلى المدى البعيد إلى اي حد نستطيع القول أننا نتحدث لهجة عمانية، الاخطر من ذلك هو هذا التشتيت اللغوي الممارس على الاجيال الناشئة التي تعيش في فوضى لهجوية ولغوية في منتهى الخطورة. منبع الخطورة ليس ينطلق من مفهوم ضيق للهوية او الوقوف في وجه التغير، فاللغات تتغير وتتبدل وتموت وتحيى ، ولكن إلى أي مدى نحن قادرون على الاحتكام على قول ان هذه اللهجة عمانية وما يميزها هو كذا وكذا، مثل هذا التوصيف غير ممكن حاليا بشكل علمي ، لان مثل هذا الحكم هو مبني على انطباع عام وليس على دراسة توثيقية.

مطلب إنشاء مركز لدراسة اللهجات العمانية ليس ترفا فكريا، فالملف اللغوي في عمان من المفترض ان يكون مهيأ ومرتب بشكل صحيح ليكون حاضرا في ذهن المخطط الاستراتيجي العماني او متخذ القرار وخصوصا في مجال التعليم ومجال الاعلام ولا أشك في أن هناك احدا يجادل في أهمية هذين القطاعين. علاوة على ذلك فهم التراث والثقافة في عمان يبني على ما سينجز من بحث لغوي واركيولوجي في صميم اللهجات العمانية التي بلا شك تخبئ الكثير من الاسرار والفتوحات العلمية والتي نحن بحاجة إليها لفهم أعمق للذهنية العمانية. الامثال والحكايات الشعبية تحوي على الكثير من الكنوز اللغوية، والامثال والحكايات هنا ليس تلك المنشورة بلغة عربية فصيحة او الحكايات المفصحة بل تلك المسرودة بذات اللهجة التي استخدمها الراوي. هنا بالضرورة أيضا تحضر أهمية الجانب الانثروبولوجي في هذا الجانب. الجهود السابقة مهمة للغاية ولكن يبقى القول ان وجود مركز علمي هو حجر الاساس الذي يوفر القاعدة الصلبة لنواة أي بحث لغوي في عمان سواء في مجال اللهجات او مجال اللغات التي يتحدث بها بعض العمانيين سواء اللغات الموجودة في جنوب عمان، البلوشية، السواحيلية، الكمزارية، اللوتيانية وغيرها من اللغات التي تمارس تأثيرها وتفاعلاتها. هذه اللهجات هي ثروة وطنية ودراستها هي صمام أمان للنسيج الاجتماعي والثقافي، فهذه الفسيفساء اللغوية تساهم بشكل فاعل في الاندامج الاجتماعي والثقافي بين مختلف المجموعات اللغوية في عمان. فبدون احساس هذه الجماعات اللغوية بالامن اللغوي فلن تتمكن من التواصل بين بعضها البعض، صحيح ان هناك الكثير من التعليقات او الاستهزاء ان هذه الجماعة اللغوية تقلب القاف كافا او الجيم ياء او تقدم حرفا مكان آخر او تفضل استخدام مفردة بدل اخرى كل هذه القضايا داخلت في صميم البحث اللغوي ، هذاه الصور النمطية مهمة في علم اللغة الاجتماعي، ولكن بالرغم من ذلك تبقى هناك مساحات للتفاهم. السلوك اللغوي لكل هذه المجموعات فاتن وساحر فعلى سبيل المثال بعض الجماعات تستعير مفردة او شبه جملة من جماعة اخرى ولكن الجماعة المستعيرة تقوم بإجراء تغيير صوتي او حذف حرف او إبدال حرف مكان آخر، كل هذه الاستعارات تتم عبر التواصل الاجتماعي او اللغوي بكل سلاسة ، بالرغم من ذلك هذا التواصل بحاجة إلى دراسة من داخله اي نحن بحاجة لدراسة كيفية حدوث هذا التواصل وعبر اي من القنوات وما التغييرات التي تحث للمفردة عندما تتنقل من جماعة لغوية إلى أخرى. فكل متغير لغوي مرتبط بمتغير اجتماعي.

الامكانيات الهائلة التي توفرها علوم اللسانيات الحديثة من المهم ان توظف لفهم الوضع اللغوي في عمان، صحيح ان مثل هذه العلوم تستغرق وقتا كثيرا وجهدا هائلا ولكن في النهاية توفر فرصا هائلة لحل الكثير من القضايا والاشكالات التي تمر بها المجتمعات المتعددة اللهجات واللغات، ففهم الكائن ينطلق من فهم سلوكه اللغوي حيث ان اللغة او اللهجة التي نتحث بها تحوي الكم الهائل من المعلومات والرموز والشفرات التي إن تمكنا من دراستها بشكل علمي صحيح وجدي سنتمكن من فهم أكبر لما نريد التخطيط له في المستقبل القريب منه والبعيد. والتخطيط هذا هدفه الانسان قبل اي شيء آخر.


Thursday, October 15, 2009

هل أقتل الطائر يا أبي؟




تقول الامثولة ان رجلا احتار في علاج خيانة زوجته فلم يجد بدا من الحديث إلى أبيه، كيف لا وهو الاب المحنك ، ومن عصرته الحياة. ولكن قبل ذلك كيف للولد أن يأتي إلى أبيه هكذا مباشرة ويطرح بين يديه قضيته التي ظلت تؤرقه طويلا. قلب الرجل الامر في رأسه وعزم اخيرا على بسط الامر بين يدي أيدي لعله ان يجد له حلا يخرجه من مأزقه
الابن: إذا كانت هناك تينة مثمرة في بستان، ولكن هذه التينة يأتيها طائر يأكل من ثمرها، هل أقتل الطائر يا أبي؟
الاب: (لم يأخذ الاب كثيرا من الوقت ) يا أبني إنك إن قتلت الطير فسيأتي طائر أخر مثله ليأكل من التينة، ولكن من الافضل ان تقطع التينة، فحينها لن تأتي الطيور إلى بستانك


هذه الامثولة وغيرها كثير ما تتداول في عمان ، إذ يحرص بعض كبار السن على سردها في سياقات عدة للحديث. من المهم التنبيه هنا ان هناك عدة تعبيرات تستخدم بدلا من كلمة الطائر أي كجنس عام للطيور فبعضهم يخصصها للبابو وهو طائر معروف في عمان وربما ينوع البعض في اسم الطائر فيطلق عليه اسم طير من فصيلة مختلفة. كما ان البعض على ما أظن يفضل استخدام شجرة الفرصاد بدل التينة. على عموم القول الامثولات والحكايات والامثال تتنوع وتتعدد فيها المسميات باختلاف المناطق وباختلاف اللهجات

محور الحديث هنا هو التركيز على استخدام الافعال في سياق الامثولة سواء في سؤال الابن او في رد الاب
الابن استخدم فعل القتل كحل نهائي لمشكلة الطائر الذي يسرق ثمرة التين منه قبل ان يتذوقها هو. فمنطلق الابن هو حماية التينة وثمرها من سطو الطائر وانتهاكه، لكن الاب يفاجئ ابنه بان القتل ليس وسيلة ناجعة ، كما ان الطائر ليس هو المشكلة في هذه القضية، بل المشكلة في التينة ذاتها. هنا نجد الاب يستخدم فعل القطع للوصول إلى حل المشكلة فالمشكلة ليست في قدوم الطائر بل في التينة ذاته ، التينة التي تغري الطائر بقطف ثمارها. فالذكورة هنا تمارس سطوتها ، إذ ان الاب لم يشجب فعل القتل لكونه ليس حلا ناجعا فالاب هنا يعطي اتفاقا مبدئيا بمنطق الفكرة ولكنه لا يتفق معها لكون ان القتل لا يلغي احتمالية قدوم طائر آخر غيره. فالاب هنا يغلق على ابنه إمكانية اتخاذ فعل القتل كوسيلة لانهاء انتهاكات الطائر.فمقترح الاب هو قطع التينة وفعل القطع هنا مجازي يتمثل في الطلاق ، أي إخراج الزوجة من بستان الزوجية
الفعل الذي استخدمه الابن هو فعل حقيقي اي ان الابن كان ينوي قتل الرجل الذي يعاشر زوجته بينما الفعل الذي استخدمه الاب هو فعل بصيغة المجاز. فهنا تقابل بين غليان دم الابن باتخاذه قرار قتل الرجل المغير على تينته ، وحكمة الاب الذي جرى مع مجرى كلام ابنه المعتمد على الاشارات الخفية في الكلام والتي فهما الاب بسرعة. فالاب هنا يمتلك سرعة الفهم وسهولة الاقناع ويثبت براعته للتدليل على فهمه باستخدام فعل القطع والذي استخدمه على سبيل التورية عن الطلاق
هل ثمة مكر ذكوري في الامثولة حين منع الاب ابنه من اختيار حل القتل؟ يبدو ان هذا المنحى غير بعيد عن معطيات سياق الامثولة فالحل الذي يقدمه الاب هو الحرص على التخلص من فضيحة التينة بقطعها وتمزيق روابطها بالارض فبذلك لن يأتيها اي طائر،  فاستمرار الشجرة يعني استمرار توافد الطيور إليها  فلا مجال للابن اين يقتل جميع الطيور ليحمي التينة ، فالشروع في القتل يعني شرا على جنس الذكور، من جانب أخر هناك تفسير اخر لرد الاب على ابنه ، فما دام الابن غير قادر على صد الطيور ومنعها منذ البداية فالاولى بالابن هنا ان يقوم بقطع التينة مخافة ان يستفحل الامر ويخرج من نطاق سيطرة الابن وابيه، فالاب عندما رأى ان ابنه قد وصل إلى قرار القتل وهو في قمة الغليان فلا بد من توجيه فعل القتل إلى فعل آخر اخف وطأ وأقل خسارة وهنا هنا فعل القطع
فالاب هنا يقدم للابن بمنعه من تذوق ثمار التينة الاثمة بقطعها فما دام هنا طائر آخر قد تذوق من ثمارها  فستصبح متاحة للجميع الطيور من مختلف الاصناف. فالحل امام الابن هو الابقاء على الطير حرا طليقا  ومعاقبته بقطع التينة

تحيلنا الكثير من الامثولات والحكايات الشعبية إلى كثير من المفاهيم والقيم التي تسير المجتمعات، فالكثير من الحكايات والامثال هي نتاج مراحل مختلفة زمنيا ولا تعني بالضرورة انها تمثل صيغا لنهائية لطرائق التفكير في اي مجتمع فالمجتمعات تتغير وتتبدل في طرق تعاطيها مع الامور والقضايا. ومقاربتي هنا لهذ الامثولة ليست مقاربة نهائية وإنما صيغة اولية لفهم هذه الامثولة وفتح المجال لدراسة الكثير من الامثال والقصص العمانية من منظور لغوي للوصول لفهم اعمق لها
في الجانب الاخر يتخذ الكثير من الناس مثل هذه الامثال والقصص على انها ثوابت اجتماعية ننطلق منها في حل قضايانا ومشاكلنا الاجتماعية  المعاصرة، في ذات الوقت لست اقصد من هذه القراءة الوقوف مع اي طرف مع اطراف الامثولة بل قراءتها وفهما كما هي ، واردة في سياقها الذي سمعته، مع العلم كما قلت سابقا ان هناك تنويعات لهذه الامثولة وغيرها باختلاف اللهجات والمناطق في عمان
في الجانب الاخر هذا الاسلوب في التورية موجود وسائد في لدى العديد من الشعوب والثقافات ولا تختص به ثقافة دون غيرها، ولكن كل ثقافة لها طرقها في العبير عن ما تريد التورية عنه، فلا مجال هنا للتفريق بين الشعوب بين البدائية او المتحضرة بل إن كل ثقافو واي شعب يعكس خبرته التاريحية والاجتماعية والحياتية في صياغة توريات تملك القدرة على التواصل والتفاعل الايجابي لدى المتلقي

Wednesday, October 14, 2009

السحابة والجبل


 السحابة ليست هي الماء بالضبط
إنها الماء بين حالتين

عندما تمر السحابة على الجبل
تقول له  سوف  اشتت أبناءك أيها الصلد
يضحك الجبل ويقول لها ستجريفين الضعاف فقط أيتها العابره
اما الراسخون في حضني فلن تستطيعي جرفهم
يقهقه الجبل ويقول لها اسرعي
ليمسح ماؤك عني ما فتته الريح

الرمل ليس هو الصخرة بالضبط
ولا النبع الصغير هو النهر عندما يصب في البحر

هكذا السحابة تعبر فوقنا وننسى اننا كنا ننتظر السحابة
وننسى ان السحابة ليست هي الماء بالضبط

Monday, October 12, 2009

مديح في اللغة


     




 إيه يا لغتي الآفارية ، أيتها اللغة الام! أنتي ثروتي كنزي المحفوظ ليومي الاسود، ودوائي في كل العلل. إذا ولد الانسان بقلب مغن، ولكن أبكم فخير له أن لا يولد. في قلبي كثير من الاغاني، ولي صوت. هذا الصوت هو أنت يا لغتي الآفارية الام. أنت التي قادتني كالطفل من يدي، وأخرجتني من قريتي إلى العالم الكبير، إلى الناس، وها انذا أتحدث إليهم عن أرضي. أنت التي قدتني إلى العملاق الكبير الذي اسمه الروسية العظيمة. هي أيضا أصبحت بالنسبة لي لغة أما، وهي التي أمسكتني بيدي الاخرى وقادتني إلى كل بلدان العالم، فانا مدين لها كما أنا مدين لمرضعتي ، تلك المرأة من قرية أراديريخ. لكني ادرك جيدا مع هذا ان لي اما اصلية" . ص 83 
رسول جمزاتوف رواية بلدي

ملاحظة: بحثت في الشبكة العنكبوتية عن الشاعر فوجدت ان اسمه رسول جمزاتوف وليس حمزاتوف حسب ما هو مكتوب في رواية  بلدي  الصادرة عن دار الفارابي. من اراد ان يطلع اكثر ويعرف عن الشاعر يمكنه الولوج إلى هذا الموقع

Wednesday, October 7, 2009

رؤية عن الوضع اللغوي في عمان 1/3






يكثر الحديث في كثير من الاحيان وخاصة في الحقل التربوي عن المشاكل التي تواجه الطلبة في تعلم اللغة العربية، وصعوبات القراءة
 وغيرها من المشاكل كما ان هناك في ذات الحقل حديث عن صعوبات تعلم وتدريس اللغة الانجليزية، وغيرها من اللغات التي تدرس الان في عمان في مستويات الدراسة الجامعية او في العديد من المعاهد الخاصة. التربويون والمشتغلون بالتخطيط التربوي ربما لهم آلياتهم وطرقهم في فهم تلك الصعوبات وطرق حلها. في الضفة الاخرى ، هذه الصعوبات ما هي إلا القمة الطافية من جبل الجليد ، الذي يكمن تحته الكثير من التعقيدات التي يغلفها الوضع اللغوي في عمان.


*************

ليس بخاف على احد ان عمان تمتلك ثروة لغوية هائلة من خلال اللهجات واللغات التي تتحدث بها كثير من المجموعات اللغوية الموزعة على الخريطة العمانية. هذا التنوع المدهش يشكل في حد ذاته حقلا خصبا للمشتغلين باللغويات بشكل عام، لا شك ان هناك العديد من الدراسات التي اجريت بطرق علمية على اللهجات العمانية في القرن العشرين وما زالت البحوث تتوالى في القرن الحادي والعشرين، لكن تلك الدراسات بحاجة إلى متابعة، كما ان اغلب اللهجات العمانية غير مدون وغير مدروس بالمرة، ولست هنا بصدد تقييم الدراسات العلمية التي اجريت او التطرق لبعض المحاولات التي سعت لدراسة اللهجات العمانية من منطلقات مختلفة او حتى تلك النقاشات التي تثار من بعض الصحفيين او المتابعين للشأن اللغوي في عمان عبر المواقع الالكترونية. الحديث او مناقشة اللهجات في عمان او حتى دراستها وإن اختلفت الرؤى والاطاريح إلا ان ذلك يصب في اتجاه واحد ويشير إلى قضية مهمة وهو غياب الاهتمام بشأن اللهجات العمانية بشكل رسمي ، فمن المعلوم ان الشروع في دراسة الوضع اللغوي المعقد في عمان يحتاج إلى عدد كبير من المختصين في الشأن اللغوي على مختلف الاصعدة سواء في الصوتيات، علم اللغة الاجتماعي، علم الصرف، الانثربولوجيا اللغوية ، علم النفس اللغوي، علم اللهجات، علم اللغة التاريخي وغيرهم من الاختصاصيين. كما أسلفت هناك دراسات اجريت على اللهجات العمانية او كما يسميها البعض (عربية عمان) او لغة مسقط. ما درسته تلك الدراسات رهين بالفترة الزمنية التي اجري فيها البحث، ولكن هناك قضية اخرى ان اللغة تستمر في التطور والتبدل ولا تقف عن حد معين. فاللغة سريعة التغير والتبدل وذلك حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحسب التداخل والتبادل اللغوي الذي يتم بين الجماعات اللغوية في عمان.

***********



ما علاقة تنوع اللهجات العمانية بصعوبة تعلم اللغة العربية؟ قبل البدء في الحديث عن هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى أسباب تنوع اللهجات العمانية. علماء اللغويات التاريخية وعلماء اللهجات عندما يقارنون بين لغات ولهجات تنتمي إلى نفس العائلة اللغوية يبدأون بتجميع العينات اللغوية وترتيبها ، بعد ذلك يدرسون تلك العينات في مستواها الصوت ويلاحظون ما إذا كان هناك تغير على مستوى الفونيمات( الفونيم اضغر وحد صوتية) وذلك بدراسة كل لغة على حده وتحديد الصوائت والصوامت ومخارجها ومكان النطق بها. دراسة اللغة من خلال المستوى الصوتي يسهل عملية المقارنة فيما بعد بين اللهجات او اللغات التي تنتمي للعائلة واحدة . بطبيعة الحال العلماء بعد المقارنات والتحليلات سيخلصون إلى نتائج وهذه النتائج بحاجه إلى تعليل وإيجاد أسباب تاريخية، اجتماعية، عرقية، جغرافية ، قبلية. خلاصة الامر ان الدرس اللغوي لا يكتفي بتوصيف اللغة او اللهجة ولكن أيضا يسعى لفهم أكثر عمقا للظواهر اللهجية واللغوية. فالدرس اللغوي ينطلق من الجزئي للوصول إلى الكلي وهذه الطريقة تعطي الباحث اللغوي المجال للخروج يتعميمات وتوصيفات اكثر دقة ومنهجية للوضع اللغوي. بالنظر إلى عمان نلاحظ ان توزع السكان في أماكن مختلفة ومتعددة، كل منطقة سكنية تفصل بينها وبين الاخرى ظواهر جغرافية كالجبال او الاودية او السهول او الصحاري، كما ان هناك اسبابا قبلية او مذهبية او اجتماعية او اقتصادية. ويحدث ان تنفصل مجموعة من الناس عن المجموعة الام لتشكل بذاتها مجموعة جديدة وذلك بالطبع يقتضي ان تتغير اللهجة التي تتحدث بها هذه المجموعة الجديدة، التغير بالطبع لا يحدث بين يوم وليلة بل يستمر لسنوات وذلك رهين من جانب الاخر بمفهوم الهوية الذي تشكله هذه المجموعة الجديدة لذاتها كما يعتمد على الروابط التي تجمعها بالمجموعة الام او التواصل مع مجموعات جديدة. التغيرات يمكن ان تصنع من خلال التصاهر او التحالفات التي تكون بين المجموعة الجديدة والمجموعات الاخرى. كل هذه التغيرات والتبدلات ظلت تحدث وتتكرر دون ان يكون لدينا أي دليل مكتوب وموثق، وذلك كحال الكثير من التاريخ العماني. ولكن الدرس اللغوي يعلمنا ان اللغة او اللهجة في ذاتها تحتوي على الكثير من المعلومات التي يمكن استنطاقها وفهما، فاللهجة تحتوي في ذاتها على منظومة معقدة من العلامات والمحمولات اللغوية التي لا يمكن لاحد ان يكتشفها سوى المختص او اللغوي المدرب على التحليل ودراسة اللغة بشكل علمي كما يدرس البيولوجي الخلية في مختبره. بطيبع الحال الانسان ككائن لغوي وهنا بالتحديد الانسان العماني قبل السبعينيات كان يعيش في تجمعات بشرية تحتفظ بصفاتها القبلية والاجتماعية بشكل صلب وغير قابل للتغير، ولكن مستوى التواصل كان محدودا لحد ما مع بقية المجموعات مما يعني ضعف التأثر بمتغيرات لغوية جديدة ، ما لم تكن هناك حروب او صراعات او تحالفات، لنفترض ان اللوضع اللغوي سابقا كان اكثر استقرارا في الغالب إذ كان من الصعب على المتحدث بلهجة جبلية ان يحدث ويتواصل مع شخص يتحث بلهجة اهل الساحل، العزلة المكانية والقبلية تفرض نقسها على الوضع اللغوي. بعد النهضة حدثت طفرة في مجال التواصل او بالاحرى النهضة قامت بتسريع وتيرة التواصل بين المتحدثين بمختلف اللهجات، مع بدء التعليم وامتداد طرق المواصلات والاذاعة والتلفاز هذه العوامل ساعدة على اكتشاف لهجات وطرق للحديث مختلفة كلية عن ما كان معتادا في السابق، بعد النهضة اصبح الوضع اللغوي مختلفا عن السابق وذلك مما خلق وضعا لغويا جديدا.

أبي لم لكن اعرفك من قبل


 هل نحتاج إلى تعلم لغة أخرى لنعيد اكتشاف حقيقة ان لنا ابا نجهل اللغة التي يتكلم بها او بالاحرى الاب والابن ليس بينهما لغة مشتركة، هنا قصة الصحفي الاسترالي من اصول إيطالية جامس باتشيني، والتي أذيعت على الراديو الوطني الاسترالي عبر برنامج (لنجوا فرانكا)  والذي تقدمه ماريا زيلسترا . اللقاء هنا عبر هذا الربط:


 http://www.abc.net.au/rn/linguafranca/stories/2009/2688661.htm

كم هي المسافات الشاسعة التي تخلقها اللغات بين بني البشر و في الجانب الاخر كم من الاشياء التي تفوتنا ونخسر لذة اكتشاف وجودها بدون لغة تمكننا من الكشف والوصول إلى الضفاف بعيدة.


Monday, October 5, 2009

حرائق الغروب الكانبري

في مساء الثلاثاء 5/5/2009 اشتغلت النيران في الجبال السوداء الواقعة في قلب العاصمة كانبرا، هذه الجبال تحوي الحديقة النباتية ، برج الاتصال ومركز ابحاث سي اس ار أي او والذي يعتبر من المفاخر العلمية لاستراليا


كان المشهد الغروبي في منتهى القتامة كما هو واضح من الصور التي التقطتها من على الضفة الشمالية لبحيرة بولين جريفين والتي تتوسط قلب كانبرا.




 






Sunday, October 4, 2009

مديح ناقص في برزبن1

كان الماجنا في نهار الجمعة 25 سبتمبر تقطع الطريق من كانبرا إلى سيدني وكان المقصد إلى الشمال الدافئ، إلى كوينزلاند حيث الدفء ولذة اكتشاف المكان، كان الليل يسلبقنا ونحن نصل إلى سيدني لنصطحب بقية رفاق الرحلة. وما ان وطأة عجلات السيارة الطريق السريع المسمى الباسيفيك هايواي حتى كنا على موعد مع المشوار الليلي لقطع مشوار طويل جدا كنا نحسبه سيدوم ثمان ساعات وإذا بالطريق يتلوى ويعصف بنا جهاز الملاحة لنتوه في دوامات في الطرق المجهولة.كان الليل وحماس الاصدقاء وقود جيد للانتباه على الطريق اثناء القيادة خصوصا من سائقي الشاحنات المتهورين بشكل جنوني

Saturday, October 3, 2009

في مديح الظل المتكسر

في مديح الظل المتكسر إلى الصديق والشاعر خميس قلم خميس كماء تركناه في الشمس فاختلطت فيه كل الجهات ينازعها خطوها ثم يعود إلى ذاته صافيا كاالفلج تفرُّ القصيدة من يده فستقة أو لنقل مشمشا جبليا طريا خيمة قلبه كلما شاكسته الحياة ينصبها وجهة للرفاق ورد محبته ليس يذبل في عرصات الظهير واضح كانشطار الكواكب وهي تطرز هذا الفضاء يعلق أسمائنا بوفاء الصديق على شرفة من تلال الحنين ونغيب ولكننا لا نعود إلى تلة واحدة ويدهشنا بهشاشتنا عندما نتجرد من زيف أوهامنا، حين تصفو دماء التخرص فينا، ويندحر الظن والغيرة القاتله يقول " المُعَلّمُ"[i] قلب إبني مثل " القظيمة"[ii] تكفي لإشباع جيش إبني سيكبرُ والتجارب تنظج فيه زبيب التبصرْ ويبقى صفاء محبته ساطعاً مثل "قنّه"[iii]
كانبرا / إبريل 2009
[i] لفظة المُعَلّمُ تطلق في عمان بهذه الصورة على الشخص الذي يقوم بتدريس القران، وهو هنا والد الشاعر خميس [ii] القظيمة في الدرجة العمانية هي السنبلة في العربية الفصحى. [iii] القنة لفظة محلية تستخدم للقمة البارزة من الجبل.

غواية الثرثرة

الدخول إلى العوالم الاكثر إثارة لغريزة الثرثرة واللغو ، اللغو اللامحدود عبر البوابات الكونية كم يبدو ذلك حدثا مذهلا وخطو للامام باتجاه افاق اكثر رحابة للثرثرة واجترح المحبة