هكذا هو حال الأدب في عمان إما ان يكون تحت الرقابة السياسية والمتمثلة في الدولة او الرقابة الدينية او الرقابة المجتمعية
لم يكد المتتبع للأدب العماني ان يفرح بما تحقق من إنجازات أدبية على صعيد القصة والرواية حتى تدهمنا أحداث المحاكمات التي يقع تحت طائلتها عدد من الادباء العمانيين الذين ساهموا ومازالوا يساهمون بكل جهودهم لخدمة الادب وتطويره والانتقال به من طور إلى آخر عبر مجهودات شخصية نابعة من صميم رغبتهم في خلق أفق اجمل للادب العماني
لقد شكلت الرقابتين السياسية والدينية في السابق قلقا كبيرا لعدد من الادباء العمانيين لدرجة ان البعض منهم ناله ما نال من التكفير والتشهير وعلى رؤوس الاشهاد في المساجد وغيرها، ولكن الاغرب هذه المرة هو دخول الرقابة المجتمعية في الامر وليس أدل على ذلك تلك المحاكمات التي لحقت بالقاصين يحيى سلام المنذري وسعيد الحاتمي وبدرية الوهيبي والان دور الصديق حمود الشكيلي، ولو سلمنا جدلا ان ذلك مؤشر جيد على وعي المجتمع بأن هناك طرقا للتحاكم والتقاضي عبر النظام القضائي الجديد في السلطنة ، ألا ان الامر لا يدعنا نميل إلى أصحاب تلك القضايا او بعضها على الاقل هم من صادف وقرأ ما يحسبونه انه إهانة او تشهير، اقول لو سلمنا جدلا ولكن الامر من ناحية أخرى يجعلنا ننتبه إلى ان بعض القراء ليس الهدف من قراءتهم التمتع بالادب بل هو العكس التصيد والتربص ، هناك من يستهويهم الصيد في الماء العكر وبما تكون أهدافهم غير معلنة بالضرورة
في الوقت الذي استطاعت فيه القصة العمانية القصيرة ان تقدم نفسها كفن إبداعي أصيل ، وبعد ان خرجت القصة من نفق التهويمات اللغوية وغيرها من الاتهامات التي كانت تنصب على الكتاب الذين يكتبون ما لا يفهم، عند انتقال الكتاب للكتابة وتطويرها يتفاجاون ان هناك من يتربص بهم بجانب الرقابتين الدينية والسياسية هناك الرقابة المجتمعية التي لا ترحم، مثل هذه الحساسيات من قبل المجتمع لا يمكن التبؤ بمدة زوالها ومتى المجتمع سيصل إلى مرحلة اكثر تسامحا وانفتاحا في التعاطي مع الادب
لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف ان يحاصر الاديب بكا هذه الرقابات ويطلب من ان يعطي إبداعا جيدا، ثم ان التعاطي مع الابداع المكتوب لا ينبغي ان يفهم منه مقاصد بعيدة كالتشهير وغيرها، فالادب يتحدث او يشير غلى الواقع ولكنه لايعني ان يقرأ هو الواقع بعينه، وإلا كان الحال ان يتم مسائلة جميع الكتاب العمانيين وسيتم إحالة وتفسير كل ما كتب وفق أهداف واهواء من يصطادون في الماء العكر
هل سيكتب الاديب العمانين ارقاما بدلا من اسماء ابطاله؟ لا بد ان يكتب اسماء عمانية او على الاقل متداولة ويتحدث على ملامح اشخاص واماكن عمانية ، ليس بالضرورة والالزام ان يتم ذلك ولكن الاديب يعبر عن في كتاباته عن المكان الذي يعيش فيه وإلا تم اتهام الادباء بانهم يكتبون عن عوالم غامضة، وذلك ليس في صالح الكتابة والابداع على الاطلاق
كما انه لا يعني ذلك ان من رفعوا القضية ضد حمود الشكيلي هم على خطأ فالقانون يعطيهم الحق في التقاضي، ما يهمني أكثر هو ان يتم تطوير وتعديل القوانين التي تتعلق بمثل هذه القضايا ، وان تراعي تلك القوانين والمحاكمات ان التعامل مع الادب ليس سهلا كما يتم التعامل مع بقية القضايا.
الاديب لا يمكن ان يبدع في ظل ظروف الرقابات التي تسلط عليه وتحاصره ثم ان الاديب لا يمكنه تجاهل البعد الاجتماعي لما يكتبه، فمن الظلم ان نطالب الاديب ان يراعي كل صغيرة وكبيرة في كتاباته ففي هذه الحالة الاديب لن يكتب إبداعا بل شيئا ىخر غيره، ثم انه من المهم ان نعطي الاديب المجال لتقدير ما يراه مناسبا للحساسيات الاجتماعية وهذا التقدير لا يمكن ان يفرض على الاديب بل شأن خاص بالاديب وعالمه الابداعي
عزيزي حمود نحن معك في قضيتك هذه ونتمنى ان تاخذ العدالة مجراه وان تنجلي الغيمة ويأخذ كل ذي حق حقه، مازال هناك الكثير لتكتبه وتكتب عنه ونحن نثق في القضاء وفي كفاءة المحامي الذي تولى الدفاع عنك، وعسى ان نراك قريبا مبدعا نشطا ونقدا واعدا تخدم الابداع والادب العمانيين بكل إخلاص وصدق كما عهدناك دائما