مقالات مختارة لفاليري هوفمان
يحمل هذا الكتاب
الرقم 11 ضمن سلسلة دراسات استشراقية في المذهب الإباضي الصادرة عن بيت الغشام
للنشر والترجمة، والسلسلة هذه تصدر بإشراف من قبل الدكتور عبدالرحمن السالمي رئيس
تحرير مجلة التفاهم (التسامح سابقا). وقام بترجمة مقالات الكتاب كل من عبدالوهاب
الداب و موحمد ؤمادي.
وهذا
الكتاب هو الأول الذي يفتح الباب للولوج إلى جهود المدرسة الاستشراقية الامريكية
في قراءة المذهب الأباضي. ففي المقدمة التي مهد بها الدكتور عبدالرحمن السالمي
لهذه المقالات يشير بشكل موجز إلى الأداور التي قامت بها الحركة الاستشراقية
الامريكية فيما يتعلق بعمان بشكل عام، حيث أنّ لعمان رصيد يستحق الدراسة في أرشيف
الارسالية الإصلاحية الأمريكية، وكذلك في الدراسات التي قام بها القسم الثقافي لشركة
الزيت العربية الأمريكية "آرامكو"، هذا عدا عن ما تحفل بها توثيقات
وملاحظات الأمريكان الذين زاروا عمان ومن أهمها في ذلك ملاحظات ويندل فيليبس.
يشكل
عام 1832 علامة فارقة في العلاقة العمانية الأمريكية حيث تم توقيع الاتفاقية
الدبلوماسية المشتركة بين الطرفين، فبسبب هذه الاتفاقية التفت الأمريكان إلى
الأهمية التى تحتلها زنجبار، كما أنَّ زنجبار كانت البوابة التي ولج منها
الاستشراق الأمريكي لدراسة عمان. ومن أهم الدراسات التي درست التاريخ العماني ما
قام به روبرت لاندن في كتابه (عمان منذ 1956) والذي صدر في نهاية الستينات من
القرن الماضي. في السبعينيات ومع انتشار بعثات السلام ومنح (فلبرايت) برز ثلاثة باحثين
أمريكان فيما عاشوا في عمان وكانت لهم دراسات وعلاقات بسبب طول مدة الإقامة في عمان،
وهم الزوجان كرستينا وديل إيكلمان، وجون بيترسون.
قامت
كرستينا إيكليمان في نهاية السبعينيات بعمل دراسة أنثربولوجية عن ولاية الحمراء.
أما زوجها ديل إيكيلمان فهو من المتخصصين في الدراسات الانثربولوجية وتحديدًا في
أنثربولوجيا الاسلام في كلية ديرموث بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد سبق لديل أن
أنهى أطروحته المهمة عن علاقة المعرفة بالسلطة في المغرب حيث درس فيها العلاقة
المشتركة بين العلماء المالكيين والعائلة الملكية العلوية. وقد أجرى ديل عددا من
الدراسات المتعددة عن عمان نشرت في دوريات علمية مختلفة.
يعتبر
جون بيترسون واحدا من أبرز المتخصصين الأمريكيين في الدراسات التاريخية الخليجية
المعاصرة وتركزت كتاباته عن تاريخ عمان المعاصر في القرن العشرين وهو كاتب مستقل
ومقيم في آريزونا ولكنه قبل ذلك أقام فترة طويلة في عمان مكنته من الإطلاع الواسع على
الوثائق والآراشيف.
أما
كاتبة المقالات المنشورة ضمن هذا الإصدار فهي البروفيسورة فاليري هوفمان والتي
تعمل في قسم اللاهوت بجامعة إلينوي. أقامت فاليري في السلطنة في نهاية التسعينيات من
القرن المنصرم. ولها اهتمامات متنوعة منها عنايتها بالعقيدة الإباضية المعاصرة،
وقد كان التصوف مدخلها لدراسة العقيدة الإباضية المعاصرة حيث بدأت رحلتها العلمية من شرق أفريقية إلى
سلطنة عمان وذلك بصورة معاكسة عما هو مألوف. كما تمزج هوفمان في دراساتها الأكاديمية
بين التاريخ والانثروبولوجيا والعلوم العقدية وبذا يتكون مزيج جديد من الدراسات
العقدية الممتعة والتي تعيننا في فهم القضايا اللاهوتية المعاصرة بصورة سلسة.
ضم
الكتاب بين دفتيه دراسات ونظرات فاحصة لطبيعة التفاعل الديني للوجود العماني في
زنجبار في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، حيث ناقشت طبيعة العلاقة بين
العلماء الاباضية الشافعية وكذلك طبيعة التفاعل مع الخطاب التبشيري الذي كان في
بداياته في تلك الفترة في شرق أفريقيا.
مقالات الكتاب تنقسم
إلى قسمين رئيسين لهما عنوانين مستقلين هما:
1-
حمل القسم الأول من الكتاب عنوان: التفاعل بين علماء
الإباضية والسنية في زنجبار القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. ويتكون هذا
القسم من مقالات تحمل العناوين الآتية:
-
أصول ومميزات المذهب
الأباضي.
-
حكم آل سعيد في زنجبار.
-
اعتناق بعض الإباضية للمذهب السني.
-
دفاع المنذري عن الإباضية .
-
التفاعل السني الإباضي.
-
خاتمة.
2-
جاء القسم بعنوان : المذهب الإباضي ، واشتمل على
تقديم وخاتمة ومقالتين هما:
-
تموقع الهوية الإباضية في عمان الحديثة وزنجبار
-
التقابل الإسلامي المسيحي في زنجبار القرن التاسع عشر.
وقبل الدخول في عوالم قراءة هذا الكتاب من المهم التنبيه
إلى أنَّ هذه القراءة معنية بالوقوف عند الخطوط العامة التي تمت إثارتها في
المقالات التي وردت في الكتاب بقسميه، حيث أننا لن نتوقف عند كل مقالة على حدة بل
سيكون التركيز على تلك الخطوط العامة أو النوافذ التي تم فتحها وتحتاج منا إلى مزيد تعميق وفهم لها،
حتى نتمكن من تعلم وفهم المنطلقات التي تستند عليها الباحثة والتفكير في الظاهرة
الدينية بشكل أعمق وأشمل.
من خلال العناوين يتضح لنا الاشتغال البحثي الذي قامت به
الباحثة وهو هنا الجانب الديني أو التفاعلات الدينية المصاحبة للوجود العماني في
زنجبار، هذا التفاعل الذي انطلق من الفترة التي تلت استقرار السيد سعيد بن سلطان في
زنجبار واتخاذها عاصمة لملكه في عام 1832م وحينما انتقل تبعه جمع غفير من
العمانيين من علماء أو عامة الشعب، ويبدو أنه قد قرَّ في ذهن السيد سعيد أن يحيط
نفسه بعدد كبير من العلماء من مختلف المذاهب حيث استقطبهم من عمان وسواحل الصومال
ولامو وكينيا وجزر القمر. هذا عدا أن زنجبار قد استقطبت طوائف دينية مختلفة من
البهرة والإثنى عشرية والبهائية والصابئة والبوذيين وعبدة النار والهندوس هذا
بجانب وجود السكان الأصليين الذين يعتنقون أديانا أفرقية المنشأ أصلا. كل هذا
المزيج العرقي والديني لا محالة أنه قد انتج تفاعلات وساعد على إيجاد حالة من
الوئام والتعايش السلمي في زنجبار القرن التاسع عشر وهذا ما سنقرأه في هذا الكتاب.
من المهم هنا التطرق إلى النوافذ التي فتحتها مقالات
الكتاب في إطار الرؤية الكبرى للكتاب ككل، وهذا النوافذ هي نتاج خلاصة قرائية ككل
وليس لكل مقالة على حدا:
1-
نجد أن موقف السلطة السياسية يتفاوت من تيار إلى آخر ومن
حاكم لآخر فبينما كان السيد سعيد يسعى إلى استقطاب العلماء من كل المذاهب
الاسلامية ومعاملتهم على السواء وفهو يأمر بتعيين القضاة بحسب المذهب الذي ينتمي
إليه رعايا كل منطقة. إلا اننا فيما يخص علاقة السيد سعيد بالاباضية وخصوصا الشيخ
ناصر بن أبي نبهان نجد أن الباحثة تشير إلى أن هذه العلاقة قائمة على التوتر الذي
كان منشأه في عمان قبل انتقال السيد سعيد إلى زنجبار، في المقابل نجد أن هناك
علماء من المناذرة وعلى رأسهم الشيخ محمد بن علي المنذري (توفي 1869) ولا تشير
الباحثة إلى أي علاقة توتر بين العائلة والسيد سعيد بل إن الشيخ محمد ومن ثم ابنه كانوا علي منخرطين
في السجالات العقدية والكلامية مع علماء الشافعية.
في عهد السيد
ماجد بن سعيد (حكم في الفترة1870-1856) نجد هناك تسامحا من قبله تجاه الذين تحولوا
من المذهب الاباضي إلى السني بل إن السيد
ماجد يشجع ويفتح باب الحوار والرد ونجد الباحثة تحيل إلى ما كتبه الشيخ عبدالله بن
صالح الفارسي حول ذلك، عندما طلب السيد ماجد من الشيخ علي بن عبدالله المزروعي
(تحول عن مذهبه الاباضي إلى السني وتسامح معه السيد ماجد) أن يقوم بكتابة رد على (كتاب
الخلاصة الدامغة) الذي ألفه الشيخ محمد المنذري والذي ضمنه جدالا عقديا حول ما
ترجحه المدرسة الاباضية لقضايا رؤية الله وغيرها من الأمور العقدية والكلامية. أما
فيما يخص موقف السيدد ماجد من الحركات التبشيرية فنجده يحذر المبشرين من محاولة
استمالة أي من المسلمين وتحويله عن دين الإسلام إلى المسيحية بل قام بسجن قام
بالتحول إلى المسحية، في حين أنه تسامح مع النشاط التبشيري الذي تمت ممارسة مع
العبيد المحررين.
في عهد السيد
برغش الذي تولى الحكم في 1870 نجد هناك تحولا في الموقف من المتحولين من المذهب
الإباضي إلى مذهب أهل السنة بل إنه قد قام بسجن عدد ممن قاموا بتبديل مذهبهم. كما
نجد في ذات الوقت أن السيد برغش كان له مستشارون مقربون من أهل السنة كما منح
المبشرين الأنجليكان من بعثة الجامعات إلى شرق أفريقيا رخصة لبناء كاتدرائية ضخمة
وسط المدينة مكان سوق العبيد الذي أغلقه برغش سنة 1873م.
فمن خلال ما تم
إيراده نلمح أن هناك تغيرًا وتبدلًا في موازين العلاقة بين السلطة السياسية
والأطراف الممثلة للتيارات الإسلامية وهو ما يدعو إلى الحاجة لفهم هذه القضية في
إطار أكثر عمقا لفهم المنطلقات التي ينظر من خلالها كل حاكم ومتى تأثير وتأثر
الحاكم بالمناخ الديني العام في زنجبار وبحسب الأحداث السياسية وتصارع القوى في
فترات الحكم. بل ما هي المنطلقات التي يعتمد عليها الحاكم في فتح أفق الجدل الديني
وقوة التدخل والحجب والمنع في حالة التحول من مذهب إلى مذهب أو من دين إلى آخر؟
2-
الباحثة في الكتاب تؤكد على أمر في غاية الأهمية وهو مدى
أهمية الدور الذي لعبته حركة التنقل من الموطن الأصلي باتجاه زنجبار ومن ثم الرجوع
إلى الموطن الأصلي فالحضارمة مثلا كانوا يتزوجون من نساء المناطق التي يستقرون
فيها ولكنهم كانوا يحرصون على إرسال أبنائهم إلى حضرموت من أجل التعلم والتشبع
بالقيم الثقافية والروحية المبنية على أسس التصوف وحب الرسول ومن ثم العودة إلى
زنجبار ونجدها أي المؤلفة في جانب آخر تشير إلى المدى الذي لعبته المرجعيات
الفكرية الاباضية القادمة من عمان في تشكيل وعي كثير من أبناء زنجبار المنتمين إلى
المذهب الإباضي.
كما تحدد الباحثة
أن "موجات الانتقالات بين علماء زنجبار خفتت في القرن العشرين وبحلول هذا
القرن أصبح كل العلماء الذين يدرسون أو يدرسون هم من زنجبار والذين ولدوا فيها
يكون احتمال سفرهم من اجل طلب العلم ضئيلا" ص 20-21. وهذا مؤشر مهم على ما
وصلت إليه الحركة العلمية في زنجبار من استقرار وثبات.
3-
أعطت الباحثة على حالتين إباضيتين كان لهما دور مهم في
زنجبار، ولكنها أي الباحثة من خلال قراءة الكتاب نستطيع فهم طبيعىة كل حالة كما
سنرى.
الحالة الأولى
تتمثل في الشيخ محمد بن علي المنذري ومن بعده ولده الشيخ علي اللذان يشكلان امتدادًا
لعائلة عمانية راسخة في العلم ولها جذور ثابتة في المكان الزنجباري. لقد انخرط
الشيخان في القضايا السجالية سواء مع أهل السنة من الشافعية في حالة الوالد وفي
الرد على النصارى حالة الولد فبرغم من تمكن وتضلع الاخير في الانجليزية كما تجلى
في رده على الرسالة النسطورية إلا أننا أنهما يمثلان الذهنية الإباضية التي تحافظ
على الجذور الفقهية والعقدية إلى أبعد مدى.
أما الحالة
الثانية فهي حالة الشاعر أبي مسلم البهلاني لدرجة ان الباحثة قد قامت بتوصيفها على
أن البهلاني يشكل بحسب عبارتها بأنه كان "خليطا عجيبا من التناقضات" ص 51.
ومنبع ذلك هو ما اتصف به البهلاني من انفتاحه عن سابقيه من علماء الإباضية برغم
حداثة مجيئه إلى زنجبار بعكس الشيخان المنذريان كما أشرنا سابقا. فالبهلاني شاعر
وفقيه إباضي وصحفي ومتصوف وله صلات عدة مع رواد الإصلاح في العالم الإسلامي، كما
أنه من كبار مناصري بل داعمي الإمامة الإباضية في موطنه الأصلي عمان. فالبهلاني
رغم أنه يملك رصيدا معرفيا وروحيا يؤهله للنهل من الثراء الفكري الذي كانت تعيشه
زنجبار بسبب تكونه ونضجه الفكري المبكر في عمان، إلا أنَّ البهلاني يمكن اعتباره
خير ممثل للذهنية الإباضية القادرة على التجاوز والتجديد من الإبقاء على الأسس
والثوابت العقدية مع محاولة طرح رؤية إسلامية عامة غير مرتبطة بالهوية المذهبية
الضيقة.
إن من الأهمية
بمكان أن يتم إيلاء الحركية التي مرت بها الذهنية الإباضية وانفتاحها على التجربة
الزنجبارية ومدى قدرة هذه الذهنية على تجديد سياقات فهم الهوية الذاتية وطرحها في
ثوب يتلائم مع الفضاء الجديد. ومن ثم تتبع مسار هذا الانفتاح في حال الرجوع إلى
الموطن الأصلي عمان.
4-
تورد هوفمان في
كتابها إشارتين ذواتا دلالة مهمة وهي مدى القدرة على التحاور مع المراجع الفكرية
القديمة عند الإباضية ومن ثم تهذيبها وتقريبها بشكل يتلائم مع العصر. فالشيخ على
بن محمد المنذري قد ألف في عام 1869 كتابا عنوانه "نهج الحقيقة" وهو
خلاصة لكتاب الاستقامة وهو مرجع إباضي كبير هو أبي سعيد الكدمي حيث يبرر سبب
تأليفه للكتاب بقوله :" لقد رأيت العديد من إخواننا في الدين يكرهون قراءة
كتاب الاستقامة لأنه مليء بالتكرار ولهذا عجزوا عن فهمه. وهذا الكتاب (نهج
الحقيقة) يرمي إلى شرح معاني كتاب الاستقامة بطريقة سهلة وبدون تفريط في أي معنى
من معانيه، وفي الحقيقة فقد زدت بعض الإضافات" ص 29. كما نجد أن البهلاني بين
سنتي 1919 و 1920 قد قام بتأليف كتاب العقيدة الوهبية وهو كتاب يختصر المسائل
العقدية التي ترد في المراجع الاباضية القديمة وقد خصص البهلاني هذا الكتاب لطلبة
الشريعة المبتدئين لفهم الأصول العقدية الإباضية بصورة سلسة وواضحة.
فمن خلال هاتين
الإشارتين ندرك مدى القدرة على إعادة النظر في التراث العماني واختصاره وإعادة إنتاجه
بصورة تخدم حاجات الاجيال الجديدة من الإباضية في زنجبار.
5- لقد
لعبت اللغات العربية والسواحيلية والإنجليزية دورا مهما في الجدل الفكري والحوار
العقدي سواء ذالك الذي كان بين الإباضية والشافعية أو بين المسلمين والمبشرين. وإن
لم تكن الباحثة لم تلتفت لهذه النقطة تحديدا إلا أن النظر في هذا الموضوع يفتح الباب واسعًا لفهم الأدوار التي لعبتها
تلك اللغات في تلك السجالات الفكرية والعقدية.
6-
شكلت الصحافة وحركة الطباعة عاملان مهمان في السجالات
المذهبية والدينية فقد دفع السيد برغش بكل جهده من أجل دعم ونشر الكتب والأفكار
الإباضية عبر الصحافة والطباعة. فقد قام المبشرون بتوظيف كافة الإمكانات في سبيل
طباعة ونشر الأفكار المسيحية. فالصحافة والطباعة كانت وسائل معينة في دعم وتقوية
السجال الفكري ولكن لا شك أنه قد حدث تحول في الوظيفة لاحقا، ومع ذلك يبقى هذا
التوظيف العقدي لهما من الأهمية بمكان في فهم الوسائل التي تم توظيفها في تثبيت
الهوية الإباضية في الوسط الزنجباري الذي كان يمور بالكثير من التفاعلات والتحولات
هذا بالطبع إلى جانب توظيف القوة السياسية بطيعة الحال لدعم وترسيخ هذا التوجه.
تساؤلات بين يدي الكتاب:
1-
عند حديث الباحثة عن حالات تحول بعض المنتمين إلى المذهب
الإباضي إلى مذهب أهل السنة نجد أن الباحثة تحيل إلى مصدر واحد وهو كتاب الشيخ
عبدالله بن صالح الفارسي في حين أننا في حاجة إلى مصدر آخر محايد على الأقل يشير
إلى عملية التحول. كما اننا بحاجة لفهم
الاسباب والظروف المؤدية إلى هذا التحول.
2-
بالرغم من أهمية الكتاب إلا أنه قد تم حصر التفاعلات
الدينية في إطار الجدل الذي كان بين الاباضية والشافعية من جهة، والعلماء المسلمين
من المذهبين مع الحملات التبشيرية في حين أننا نعلم ان هناك مذاهب دينية سواء
الإسلامية منها أو الهندوسية أو غيرها كانت حاضرة بقوة في زنجبار ولها خطاباتها
ومنابرها. فلربما هناك مقالات أو دراسات أخرى توضح لحظات التقابل والتفاعل التي
تمت بين علماء الإباضية وممثلي تلك التيارات التي أشرنا إليها أعلاه. فهل
التفاعلات التي ركزت عليها الباحثة هي التي كانت الأبرز؟
3-
ركزت الباحثة على الجوانب العقدية التي طرحها العلماء
الإباضية في زنجبار وهي تركز على نتاج علي بن محمد المنذري دون الإشارة إلى علماء
إباضية آخرين ربما يكونوا على اشتغال بنفس الجانب أو ساهموا في دفع عجلة الجدل
بعيدا.
4-
هانك بعض الإشارات إلى التصوف في بعض مقالات الكتاب ونجد
الباحثة في ص 56 في الكتاب توجه نقدها للمصادر الغربية التي لم تولي أي اهتمام
للتجربة الصوفية العمانية "... زد على ذلك أن كل الأعمال الغربية حول
الإباضية تجاهلت البعد الصوفي عند الإباضية ولم تذكر الاعمال الشعرية لعلماء
عمان". ولكننا لا نجد دراسة تقف عند الدور الذي لعبه التصوف في التفاعل
والجدل الفكري بين الإباضية والشافعية ولا نعلم فيما إذا ما كان التصوف قد لعب
دورا في عملية تحول بعض العمانيين من الإباضية إلى المذهب الشافعي.
ملاحظات على
الكتاب:
1-
بالرغم من أهمية المحتوى إلا أن عنوان الكتاب قد لا يكون
لافتا للقارئ العابر فمقالات مختارة لفاليري هوفمان لا يحيل او لا يحمل الصبغة
العلمية والرصانة المعرفية المتمثلة في محتوى الكتاب كما قد يكون اسم فاليري هومان
غير معروف للكثير من القراء في عمان فكان من الجيد على الأقل أن يمنح الكتاب عنوان
يزيل اللبس عنه لكون العنوان هو نقطة اللقاء الأول بين القارئ والكتاب.
2-
هناك أمر آخر مهم وهو غياب مبرر اختيار هذه المقالات دون
غيرها وإن كان بإمكان القارئ المتفحص بالطبع أن يفهم الرابط بين المقالات بعد
الانتهاء من الكتاب إلا أنه من الاهمية بمكان ومن حق القارئ منذ البداية أن يوضع
في المسار الذي جاءت فيه هذه المقالات وأسباب وبواعث الاختيار ولا حتى مكان وتاريخ
نشر هذه المقالات في اللغة الانجليزية.
3-
ثم انه ثمة أمر غاب عن هذا الكتاب وهو عدم وجود مسرد
ببيلوجرافي بمؤلفات وكتابات هوفمان وذلك حتى يتمكن القارئ من الوقوف على نتاجها
الآخر الذي لم يترجم بعد.
4-
بجانب ذلك نجد ان هناك تعليقات في هوامش ص 64 و 70 لا
ندري إن كانت من صنع المترجمين أو غيرهم.
5-
هناك الكثير من الهفوات في ترجمة بعض الأسماء والعناوين والأماكن
كان من الجيد لو تم إيلاء بعض العناية و التدقيق للخروج بنص خال من العيوب.
No comments:
Post a Comment