في الصفحة 135 من كتاب البخلاء للجاحظ تحقيق طه الحاجري نقرأ هذه القصة:
" كان أبو هذيل أهدى إلى مويس دجاجة. وكانت دجاجته التى أهداها دون ما كان يتخذ مويس، ولكنه بكرمه وبحسن خلقه أظهر التعجب من سمنها وطيب لحمها، وكان يعرفه بالإمساك الشديد( يقصد أبا هذيل). فقال: " وكيف رأيت يا أبا عمران تلك الدجاجة؟" قال: " كانت عجبا من العجب" ، فيقول: " وتدري ما جنسها؟" وتدري ما سنها؟ فإن الدجاجة إنما تطيب بالجنس والسن. وتدري بأي شيئ كنا نسمنها؟ وفي أي مكان كنا نعلفها؟. فلا يزال في هذا، والآخر (أي مويس) يضخك ضحكا نعرفه نحن، ولا يعرفه أبو هذيل.
وكان أبو هذيل أسلم الناس صدرا، واوسعهم خلقا، وأسهلهم سهولة. فإن ذكروا دجاجة قال:" أين كانت ياأبا عمران من تلك الدجاجة؟" فإن ذكروا بطة أو عنافا أو جزورا أو بقرة قال:" فأين كانت تلك الجزور في الجزر من تلك الدجاجة في الدجاج؟"، وإن استسمن أبو هذيل شيئا من الطير والبهائم قال:" لا والله ولا تلك الدجاجة؟"، وإن ذكروا عذوبة الشحم قال:" عذوبة الشحم في البقر والبط وبطون السمك والدجاج، ولا سيما ذلك الجنس من الدجاج"، وإن ذكروا ميلا شيئ، او قدوم إنسان قال: " كان ذلك بعد أن أهديتها لك بسنة، وكان بين قدوم فلان وبين البعثة بتلك الدجاجة إلا يوم". وكانت مثلا في كل شيئ وتاريخا في كل شيئ)
رحم الله الجاحظ دون في هذا الكتاب الرائع أجمل المواقف والقصص الإنسانية التي لا تمل. ما أود إثارنه هنا هو جانب التشهير ببعض البخلاء، فالجاحظ هنا كان متيقظا لهذه الحالة وإشار إلى ذلك في مواضع متفرقة تستحق النظر والخروج بتدوينة تبحث في هذا الامر . لكن ذلك المطلب غير مقدور عليه في الوقت الحالي ولكن أتمنى العودة إليه لاحقا.
No comments:
Post a Comment